عن اليوم السابع : أعربت العديد من التقديرات الإسرائيلية عن قلقها من الأحداث الأخيرة فى مصر بعد الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسى، مؤكدة أن ذلك يؤثر سلباً على أمن إسرائيل بكل جوانبه.
وقال المحلل السياسى الإسرائيلى بصحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية "عاموس هارئيل"، فى تقريرين مختلفين له بالصحيفة العبرية خلال الفترة الماضية، إن الحكومة الإسرائيلية قد تشعر قريباً بهزات عنيفة من المتوقع أن تنتج عن الأحداث الجارية فى مصر، خاصة فى شبه جزيرة سيناء والتى شهدت على مر الأيام احتجاجات شعبية متواصلة ضد الإطاحة بحكم المعزول، بل مواجهات عسكرية بين جماعات مسلحة والقوات المسلحة المصرية.
وأضاف "هارئيل" أن حركة حماس المسيطرة على قطاع غزة تحافظ ولو بشكل مؤقت على ضبط النفس، وأنها على ما يبدو تنتظر مزيداً من التطورات فى مصر قبل بلورة موقفها وردة فعلها، مشيراً إلى أن موقف الحركة قد يؤدى إلى تصعيد ما فى التوتر مع إسرائيل.
وفى السياق نفسه، قالت مصادر عسكرية مصرية إن الجيش المصرى قد بدأ حملة واسعة النطاق ضد جماعات مسلحة تعمل فى سيناء، كما إنه شدد من إجراءاته الأمنية فى المناطق الشمالية لسيناء، إضافة إلى تدمير ما يقارب من 40 نفقاً كانت تلك الجماعات تستخدمها فى الدخول والخروج إلى قطاع غزة.
وكانت عدة مناطق فى سيناء قد شهدت موجة عاصفة من الأحداث تم الإعلان عن استشهاد عدد من ضباط وجنود قوات الأمن المصرية نتيجة لتلك الأحداث، كما تم تفجير أنبوب الغاز الواصل بين مصر والأردن، إضافة إلى الاحتجاجات المتواصلة دعماً للرئيس المعزول محمد مرسى فى مدن شمال سيناء والتى أبرزها مدينة العريش.
وادعت التقديرات الإسرائيلية أن مدى الجهد الحالى الذى يمكن للقوات المصرية أن توظفه فى سيناء محدود بطبيعته، وذلك بسبب اهتمام القيادة العسكرية الموجه لإعادة الهدوء فى المدن الأهم وهى القاهرة والإسكندرية وفى كل مدن مصر.
وأوضح "هارئيل" أنه على الرغم من نشر الجيش المصرى لمزيد من قواته فى سيناء والتى شاركت فى تلك التعزيزات لأول مرة مروحيات قتالية وبعض الدبابات التى تمركزت بالقرب من حدود قطاع غزة، والتى جاءت تلك التعزيزات الأمنية بعد إذن مسبق من إسرائيل، إلا أن القيادة الحالية فى مصر ترى الأولوية الأكثر إلحاحاً فى الحفاظ على الأمن فى المحافظات الكبرى، معربا عن شكوكه تجاه ما يمكن أن يتم الإعلان عنه من توسع عمليات الجيش فى سيناء ضد الجماعات المسلحة.
وأضاف المحلل الإسرائيلى أن الهدف الرئيس للجماعات الإسلامية فى سيناء هو ضرب النظام الجديد الذى فرضه الجيش وعودة الرئيس مرسى للحكم وليس الهجوم على إسرائيل، معرباً عن شكوكه حول استطاعة الجيش المصرى التصدى لتلك الجماعات من عدمه، فى حال قرر زعماؤها الهجوم على الحدود مع إسرائيل والذى يمكن أن يخدم أهدافهم.
ورأى "هارئيل" أن الإسلاميين يمكنهم أن يبادروا إلى عمليات لا تنطوى بالضرورة على اجتياز الجدار الحدودى الفاصل على الحدود المصرية واتخاذ مسارٍ آخر وذلك من خلال إطلاق الصواريخ على مدينة إيلات كما حدث الأسبوع الماضى حين أطلق صاروخ على الأقل نحو إيلات.
وأضاف "هارئيل" خلال تقريره: "ينبغى علينا افتراض أنه من المتوقع أن يتم إطلاق المزيد من الصواريخ على إيلات خلال الفترة المقبلة"، لافتاً إلى أن الجيش الإسرائيلى سيمتنع عن تعزيز قواته على الحدود المصرية، لكنه سيركز فى الوقت ذاته بقدر أكبر على إمكانيات جمع المعلومات الاستخباراتية حول ما يجرى على مقربة من الحدود فى سيناء.
ووصف المحلل الإسرائيلى الحدود مع قطاع غزة بالضلع الثالث فى مثلث الحدود والذى اعتبره هادئاً حتى اللحظة، لافتاً إلى أن حركة حماس تتابع الأحداث الجارية فى مصر عن كثب كيف لا وهى التابعة للحركة الأم الموجودة فى الدولة المجاورة والمتمثلة بجماعة الإخوان المسلمين.
وأشار "هارئيل" إلى أن الهدوء النسبى الذى ساد قطاع غزة منذ الانتهاء من عملية عمود السحاب فى نوفمبر الماضى، والذى كان نتيجة مباشرة لتفاهمات بين مصر وحركة حماس، مؤكدا أن حكم جماعة "الإخوان المسلمين" قد قدم لحركة حماس دعماً سياسياً ولوجستياً خلال عمود السحاب، مقابل وقف إطلاق النار على إسرائيل.
وأضاف هارئيل: "لا يزال من السابق لأوانه القول ما إذا كانت هذه الحالة المثالية قد انتهت بالضرورة الآن، ومما لا شك فيه أن حماس كانت تفضل استمرار حكم الإخوان المسلمين فى القاهرة، لكنها بحاجة لمصر وذلك بسبب موقعها الجغرافى مهما كانت هوية النظام الجديد".
وأشار هارئيل إلى أن النظام الجديد منذ إعلان الإطاحة بمرسى قد أعلن عن إغلاق معبر رفح الواصل بين مصر وقطاع غزة ثم أعلن فتحه بصورة تدريجية خلال شهر رمضان، كما أن قادة الجيش المصرى قد وجهوا لحركة حماس فى الفترة الأخيرة رسالة مفادها منع عبور نشطاء من القطاع إلى أراضيها خشية مشاركتهم فى الأحداث الجارية فى سيناء، فى حين كانت حماس متجاوبة مع تلك الرسائل، وإن كانت بدرجة غير مقبولة لدى الجيش المصرى.
ورأى هارئيل أنه على المدى الأبعد بعض الشىء فإن إغلاق المعابر يعنى وجود أزمة اقتصادية خانقة فى قطاع غزة، وأنه من أجل الخروج من تلك الأزمة يمكن أن تتجه حركة حماس فى محاولة منها للضغط على الجانب المصرى بالتهديد فى ضرب إسرائيل حتى ولو كان الأمر يتعارض مع مصالحها الأعمق، ويبقى هذا السيناريو الأضعف الذى يمكن أن تستخدمه الحركة من أجل الخروج من الأزمة.
وأضاف هارئيل: "يشتد القلق فى مصر تجاه استمرار دائرة الدم لزمن طويل، خاصة فى ظل رفض جماعة الإخوان المسلمين لمحاولات ما توصف بجس النبض من قبل النظام الجديد بهدف منع إطالة الصدامات المباشرة بين الطرفين المعارض والمؤيد للرئيس مرسى".
وقال هارئيل: "على الرغم من أن الإخوان المسلمين لا يملكون الوسائل القتالية بالحجم الذى تتمكن قوات الأمن من التصدى لهم، تحاول الإخوان من خلال المزج بين الدعوات والخروج بالملايين فى الشوارع فى مظاهرات عاصفة، تترافق أحياناً بإطلاق نار فى محاولة منها للضغط على النظام الجديد وفرض المصاعب عليه لعودة الرئيس مرسى للحكم".
وأوضح الكاتب الإسرائيلى أن حشد الجماهير من المعارضين لحكم الإخوان فى ميدان التحرير، إضافة إلى الخطوة التى قام بها الجيش والتى يعتبرها الإخوان انقلاباً كاملاً فى مصر قد تركا انطباعاً جديداً فى الصراع القائم فى محافظات مصر، لافتاً إلى أنه على الرغم من ذلك إلا أن الإخوان لا يزالون قادرون على تجنيد مئات الآلاف من جانبهم ليس فقط فى القاهرة بل وفى المدن الأخرى أيضاً.
Comments[ 0 ]
إرسال تعليق