هل تعانين من الخجل الشديد الذي يمنعك من التواصل بشكل جيد مع الآخرين والاندماج اجتماعيا مع الناس في الأماكن المختلفة؟ ربما عليك إذن أن تقرئي هذا الكتاب الصادر مؤخرا باللغة الإنجليزية، ويحمل عنوان (Invisible) أو (غير المرئية).
الكتاب عبارة عن قصة بطلتها مراهقة اسمها (جين سميث)، وهي فتاة خجولة قضت سنوات عمرها كله مستسلمة للانزواء بعيدا عن الآخرين، والشعور بالراحة لكونهم لا يلحظون وجودها في معظم الأحيان، فهي دائما هادئة صامتة تتجنب الاندماج مع الناس، مما يجعلهم أحيانا ينسون وجودها في المكان بالكامل.
تقضي (جين) حياتها بهذا الشكل دون أن تتذمر، إلى أن تستيقظ في أحد الأيام لتجد أن صديقتيها المقربتين قد أصبحتا فجأة من المشاهير. ونظرا لمتطلبات ومشاغل حياتهما الجديدة، ابتعدت الفتاتان عن بطلتنا، التي بدأت تشعر بالوحدة والحزن، فهي كانت لا تبالي بكونها غير مرئية بالنسبة للآخرين طالما تحتوي دائرتها الضيقة التي تجلس بداخلها على أصدقائها المقربين، لكن الآن تغير الوضع، وأصبح على (جين) ألا تستسلم لحزنها وخجلها ووحدتها... أصبح عليها أن تلفت الانتباه إليها، وتقول للعالم: أنا موجودة... أنا هنا!
وهكذا تقرر (جين) أن تشترك في تحرير الصحيفة التي تصدرها مدرستها، وتعبر عن نفسها من خلالها، لكن سرعان ما تجد نفسها مكلفة بمهمة لم تتوقعها أبدا، ألا وهي كتابة المقال الافتتاحي للجريدة، والذي يتم نشره في صفحتها الأولى!
وتتوالى المفاجآت بشكل غريب لم يكن أبدا ليخطر على بال بطلة القصة، حيث يلفت مقال (جين) انتباه الجميع، وتنهال ردود الأفعال الإيجابية عليه من كل حدب وصوب، وسرعان ما تنقلب حياتها تماما. فهي لم تعد الآن الفتاة الخجولة المنطوية التي لا يلاحظ وجودها أحد، ولا يسعى أحد لصحبتها، بل أصبحت نجمة، وهذا يتسبب لها فيما يشبه أزمة نفسية، لأنها بطبيعتها تميل للعزلة والهدوء، وتشعر بالانزعاج عندما تجد كل الأضواء مسلطة عليها.
ترى ماذا تفعل (جين) بعد كل هذه التطورات المتلاحقة التي طرأت فجأة على حياتها، وحولتها من النقيض إلى النقيض؟ هل تنتهز الفرصة لتتخلص تماما من الخجل والوحدة والانعزال، وتتمكن بقليل من الجهد من الاعتياد تدريجيا على حياة الأضواء وتتعلم كيفية التواصل اجتماعيا مع الآخرين بشكل يكفل لها الاحتفاظ بعدد مناسب من الأصدقاء والمعارف، ويحقق لها التوازن النفسي والسعادة؟ أم تفشل في مواكبة التغيرات التي حدثت لها، وترفض التفاعل الاجتماعي مع الآخرين، وتتمسك بالانسحاب مجددا إلى الصومعة الصغيرة التي لطالما أغلقتها عليها بعيدا عن الناس، وتتنازل عن النجاح الذي حققته بفضل موهبتها في الكتابة؟
هذا ما ستعرفينه من خلال أحداث هذا الكتاب الممتع والمفيد، وعليكِ كذلك قبل أن تصلي إلى نهاية القصة، أن تتخيلي نفسكِ في مكان البطلة (جين)، وتقرري ماذا ستفعلين، وكيف ستجيبين عن الأسئلة التي وجهناها في الفقرة السابقة لو وجدتِ نفسكِ في مثل هذا الموقف؟
مؤلفة قصة (غير المرئية) هي الكاتبة الأمريكية الشابة مارني بيتس، التي تتخصص في الكتابة لشريحة المراهقين الذين هم على أعتاب مرحلة الشباب وتواجههم العديد من التحديات. برز اسم مارني بيتس إلى الأضواء في السنوات الأخيرة بعد صدور روايتها الأولى (AWKWARD) التي حققت نجاحا كبيرا في الأسواق الأمريكية، وسرعان ما أعلنت قناة ديزني التليفزيونية عن تحويلها إلى فيلم تليفزيوني من إنتاجها. وقد حقق الفيلم نجاحا واسعا، وكانت ردود فعل الجمهور والنقاد حوله إيجابية للغاية، ومن هنا أصبح اسم المؤلفة مشهورا. تمتاز مارني بيتس ببساطتها وخفة ظلها وحبها للحياة، وإصرارها على الاستمتاع بكل لحظة فيها، وخوض تجارب جديدة باستمرار. وهي كاتبة بارعة في سبر أغوار المراهقين والتعبير عن مخاوفهم، وأحلامهم ومشاكلهم بصدق، وهذا هو السر في نجاحها.
Comments[ 0 ]
إرسال تعليق